هل أضعت وقتي ووقت القارئ الحصيف عبثاً بالضرب في هذا الميت؟
ربما.
ولكن من جهة أخرى كيف يصمت المرء إزاء هذه الفضيحة التي يرددها كالببغاوات مشايخ ودكاترة وأساتذة يصدقهم الناس ويهللون لهم.
ومن بين ما تلقاه على الشبكة الدولية مقال للشيخ محمد تقي الدين الهلالي المغربي يشهد فيه بأنه عرف من بوكاي شخصياً أنه عندما كان يطبّب الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، نصحه الملك بأنه إذا أراد فهم القرآن فهماً صحيحاً لا تقدمه الترجمات فعليه دراسة اللغة العربية. والواقع كما شهد به بوكاي، على لسانه صوتاً وصورة في جلسته في شيكاغو في عام 1987 والتي نشرتها كاملة بالعربية ضمن باب “هوامش وتعليقات” في كتابي “موريس والقرآن: القصة الكاملة للدكتور موريس بوكاي” (2016) – قال بوكاي إن المرضى المسلمين الذين كانوا يزورون عيادته الباريسية خلال الستينيات من القرن العشرين هم الذين حثّوه على دراسة العربية. وقد يكون الملك أيضاً نصحه بذلك، ولكن لا دليل يؤيد هذا (5). تماماً مثلما ورد في مقال نشره أستاذ جامعي في مجلة إسلامية شهرية عن كتاب “الإنجيل والقرآن والعلم” قال الكاتب فيه إن “ما أثار فيه (بوكاي) الفضول للتعرف على الإسلام لقاؤه بالملك فيصل ضمن فعاليات مؤتمر علميّ بالمملكة العربية السعودية” (6). وهو حديث ردده كاتب في صحيفة يومية كويتية واقتفى أثره بل وأثر المقالات السابقة كاتب آخر (7) (8).
ما موضوع المؤتمر؟ ومتى عقد؟ وكيف التقى بوكاي الملك في هذا المؤتمر؟ فهذا ما لم يرد في المقال، وأعتقد أنه كلام ربما سمعه كاتب المقال من شخص أو قرأه في مكان ما. ولو كان الملك أشار إليه بتعلّم العربية لكان بوكاي قد ذكرها بفخر في أكثر من موضع. والواقع أن بوكاي لا يذكر الملك سوى في موضع التكريم والتقدير والشكر للوقت الذي منحه إياه لمناقشة قضايا متعلّقة بالإعجاز العلميّ في القرآن الكريم. مما يؤكد تقدير الملك لجهود بوكاي في هذا المجال وذلك في مقدمة كتابة الشهير “الإنجيل والقرآن والعلم” (1976) (9).
ملاحظات
(6) المقال بعنوان “التوراة والإنجيل والقرآن في ضوء العلم الحديث” بقلم د. محمود مسعود، مجلة “الوعي الإسلامي”، الكويت، العدد 535، مارس من عام 2010.
(7) مقال لمحمد بن إبراهيم الشيباني بعنوان: “الملك فيصل وبوكاي” ، صفحة 21، صحيفة “القبس” ، الكويت، 10 من أغسطس من عام 2010.
(8) مقال لمحمد الفوزان بعنوان: “سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم:”، صفحة 48، صحيفة “السياسة”، الكويت، 28 من فبراير من عام 2013.
(9) راجع صفحة 144 من الترجمة العربية للكتاب – طبعة طرابلس، ليبيا، (1983).
…………………………………………………………………………………………………………..

يتبع..