لقد جاء بوكاي إلى العالم العربيّ لأول مرة في النصف الثاني من عام 1974. وقد ذكر وفقاً لما نشره عباس مبروك في صحيفة “الأهرام” القاهرية في شهر ديسمبر من ذلك العام أن الغرض من قدومه هو البحث عن فرعون الخروج، وقصته في مصر مذكورة وموثّقة في كتابي عنه. وعندما جاء إلى مصر كان قد حصل على دبلوم عال في اللغة العربية من مدرسة اللغات الشرقية بجامعة باريس Ecole des Langues Orientales/Universite de Paris قبل عامين، وكان يتحدث ويقرأ العربية بطلاقة.
إن مراجعي التي رددت بها على هؤلاء وأولئك منثورة على صفحات كتابي. أرجو من الله العلي القدير أن يلهمهم قراءته والاستفادة منه.
ولكن هل سيسهم كتابي هذا، يا ترى، في توفير قليل من التنوير لهؤلاء بحيث لا تصل إلى أسماعنا بعد اليوم ما ذكره أستاذ جامعيّ يقدم برنامجاً تلفزيونياً دينياً علميّ العنوان، من أن بوكاي عندما جاء إلى القاهرة للبحث عن فرعون موسى عليه السلام قال له الأطباء المصريون إن هناك آية قرآنية تشير إلى استنقاذ جثته من الماء، فصاح قائلاً: “ابعثوا لي بكتابكم (أي القرآن) إلى الفندق!! يجب أن أتعلّم العربية”!؟…(هل تشبه صيحة؛ ائتوا إلى بالتوراة!؟).
إن هذا المنهج المبنيّ على “قيل”، و”قال”، وعلى تناقل المعلومات من موقع لآخر ومن كتاب هذا لكتاب ذاك دون تكبد عناء التمحيص وذكر مصدر معتمد، إنما يحدد وضعاً غير أخلاقيّ لذلك الكاتب. فعوضاً عن تصريح الكاتب ببساطة بأنه لا يعلم، يجد الكاتب نفسه منقاداً بالاستسهال الظاهر فيه للخوض فيما لا يعلم وكأنه مجبر على أن يكتب شيئاً باعتباره “عالماً” يتوقع منه قراؤه أو مشاهدوه أو مستمعوه أن يقول “شيئاً” عن هذا الموضوع. فنراه ينزلق إلى “قيل”، أو إلى نقل ما قرأه في مقال ما أو موقع ما أو سمعه في مكان ما!
ولي تجربة مباشرة حين كنت أحضّر موقع تصوير لواحد من دكاترة التليفزيون، وكان قد علم مني أن سؤالي الأول سيكون عن بوكاي…رأيته اختلى بنفسه في ركن من أركان الأستوديو وأخرج واحداً من تلك الملخصات وبها مقال مجهول المجهول “إياه!” وطفق يحفظ ما تيسر قبل التسجيل. تركته احتراماً لسنّه يروي ويقص أمام الكاميرا ما حفظه لتوه! وغني عن البيان أن حديثه لم يختلف عن مضمون وأسلوب تلك المقالات!

…………………………………………………………………………………………………………..

يتبع..