في قلب هذه الفوضى كلها عثرت على مقال للكاتب “الرزين” عبد الرزاق نوفل منشور في مجلة “المصور” القاهرية في عدد 2 فبراير من عام 1979 يتضح منه أنه لم يقرأ كتاب بوكاي؛ “الإنجيل والقرآن
والعلم” المنشور في مصر قبل مقاله بعام واحد. وقد أنفق بوكاي أعوامًا بين قاعة المومياوات ومعامل ساكلير في مونبلييه ومتحف الإنسان في باريس بالإضافة إلى دراسته التاريخية التي فاز عنها فيما بعد بجائزة التاريخ من الأكاديمية الفرنسية في عام 1987، ليثبت أن فرعون موسى عليه السلام ليس رمسيس الثاني وإنما هو ولده الثالث عشر ميرنبتاح الذي تعرض مومياؤه في قاعة المومياوات بالمتحف المصري بالقاهرة ممددة إلى جوار والده. وقد أكد بوكاي نتائج بحثه هذا في كتابه الشهير، ولكن لأن عبد الرزاق نوفل لم يقرأه حملته أجنحة الخيال بمومياء رمسيس الثاني لينسج حولها قصة فرعون موسى عليه السلام كما وردت في القرآن الكريم.
ها هو المقال أعيد نشره كما نُشر تماماً:
…………………………………..
“رمـســـيــس الــثــــــاني
من آيـــــات الله للـــنـــــــــــــاس
ان الحديث عن رمسيس الثاني بمناسبة عودته إلى القاهرة في الأسبوع الماضي والذي تركزت عليه كافة أحاديث وسائل الإعلام في مختلف انحاء العالم ، لم يكن بالحديث العارض ولا بالنبأ الطارئ بمناسبة المومياء التي شدت انتباه الناس .. اذ أثار رمسيس الثاني حديث العالم لمدد طويلة واعوام عديدة طوال القرن الماضي .. ومن قبلها بآلاف السنين .. وحتى اليوم .. و إلى الغد .. الغد البعيد أيضا..
فمنذ أكثر من ثلاثين قرناُ من الزمان أو ما يزيد بضع مئات على ثلاثة آلاف سنة مات في مصر أحد فراعنتها الذي اشتهر باسم رمسيس الثاني .. وقد كان ملكا عليها وحاكما لها .. تميز بانتصاراته العسكرية التي خاضها .. وطال عمره حيث ناهز المائة من عمره .. قام فيها بتحقيق التقدم والرخاء لمصر .. وقد دفن باحتفال مهيب ومشهد عظيم شأنه في ذلك كباقي فراعنة مصر .. إن لم يزد لتفوقه في الإدارة .. وقدرته على الحرب واستمر رمسيس الثاني ومن قبله وبعده الفراعنة في قبورهم لا يكاد يذكرهم الناس الا اذا رجعوا إلى التاريخ .. يستعرضون صوره الماضية .. أو يتابعون رواياته السالفة أو يقلبون في صفحاته الغابرة ..
ومن قرن واحد من الزمان أي منذ مائة سنة فقط .. عثر الباحثون في الصحراء وفي أحد كهوف الجبال على نحو من أربعين مومياء لفراعنة مصر .. لعل أشهرهم وأظهرهم وأكثرهم اثارة هو رمسيس الثاني .. فإنها لم تدفن حيث وجدت .. فلا شك أنها نقلت واما تاريخ نقلها .. فإنه لا يمت إلى جيلنا .. ولا إلى الجيل السابق .. ولا إلى الأجيال القريبة .. تري لماذا نقلت ؟ .. لقد وجدت المومياء سليمة إلي درجة أثارت الدهشة كل الدهشة .. ونقلت مرة اخرى إلى متحفها بالقاهرة .. فكانت أكثر أثارة وأشد بعثا للعجب ..فما زالت حتي بعد نقلها .. سليمة لم يتطرق إليها البلي بل ولا التلف .. حافظة لكيانها .. وكأنها لشخص أوى إلى مضجعه لينام ــ ولم يمت بعد .. وان كان قد مات . فمنذ ساعات او ايام .. ولا يمكن ان يكون منذ أعوام .. لا من أجيال أو قرون .. وظل الناس يفدون على المتحف .. من كل صوب .. ومن كل حدب .. يتأملونه .. ويتدبرونه .. ثم يتعجبون .. ولكنها هي قدرة الله .
وأريد للمومياء أمر .. أريد فحص المومياء للاطمئنان على أن تلفا لا يبدأ .. وفساداً لا يقترب .. فكان أن سارعت المحافل العلمية والجامعات الدراسية .. والمعامل التجريبية من كل أنحاء العالم في سباق لتنال هذا الشرف .. وتخط بعض سطور به .. في صفحات أمجادها .. وخرج رمسيس الثاني بعد 3212 سنة من القاهرة .. عاصمة ملكه .. وعاصمة الشرق .. إلى باريس عاصمة الغرب .. بوسيلة لم يعرفها .. ولم يشاهدها .. بل لم يسمع بها أو عنها .. لقد خرج في موكب .. يماثل ما كان يخرج به في حياته .. أقيمت له كل صور ومظاهر الاحتفال بصورة أروع مما كان يرى في حياته .. وطار في الجو .. ليهبط وسط حراسة مشددة واحتفال مهيب .. في مطار حربي .. ووسط استعداد عسكري ومدني .. ولقد أقيم له متحف خاص .. تم تخصيص 18 معملا علميا للاشراف على فحص وعلاج المومياء .. واستخدمت أشعة لم تستخدم له في حياته .. بل لم تستخدم في علاج غيره .. واستحدثت وسائل ما حدثت لسواه .. سبحان الله .. لقد شاهد العالم فرعون مصر وهو في حالته العجيبة الفريدة .. بعد ثلاثين قرناً من موته .. يجدون بدنه سليماً .. كاملا .. متكاملا .. عظامة متماسكة .. بل ان شعيرات رأسه ما زالت علي حالها .. كما كانت يوم وفاته .. ما تساقطت وما دب فيها الشيب .. بل وجدوا أظافر يديه وقدميه .. كأنها معالجة بالغسل والتنظيف منذ لحظات .. وان ألوانها ما تغيرت وما زالت .. فقال الناس .. سبحان الله .. لقد اجتمعوا حول أخباره .. واتفقوا على سحره .. ولكنهم اختلفوا على أسراره .. فلقد وجدوا بالأشعة الفاحصة أن بداخل جسمه .. وفي مكان قلبه .. جسما غريبا .. غير معروف تركيبه أو تكوينه .. له ذيل طويل .. اختلفوا عليه .. ثم اتفقوا الا يحاولوا البحث فيه أو الحديث عنه .. فأضافوه إلى أسرار رمسيس الثاني العديدة .. وعجائبه الكثيرة .. وقالوا سبحان الله .. انها آية من آيات الله .. وشاهدة على قدرة الله .. وأمضى فرعون مصر .. ثمانية أشهر وستة عشر يوما في رحلته هذه .. وعاد إلى عاصمة ملكه .. في احتفال هناك .. واستقبال هنا .. كما لم يشهده في حياته .. نزل في صندوق مغلف بالقطيفة المحلاة بزهور اللوتس المذهبة .. نفس ما كان يستعمله .. ويستخدمه .. ويراه في حياته ..

مومياء ميرنبتاح بعد أن فض عالم الآثار إليوت سميث الأربطة عنها في عام 1912
1 / 1 – مومياء ميرنبتاح بعد أن فض عالم الآثار إليوت سميث الأربطة عنها في عام 1912.jpg

هكذا انبعثت من مومياء رمسيس الثاني آيات وآيات كلها تشير إلي وجود الله ووحدانيته وتظهر بعض آثار قدرته وعظمته في الخلق والأبداع .. لقد أرادو به أمرا .. فحصه وعلاجه .. وأراد الله غيره .. أن يعلن للعالم بعض أسرار الوجود .. ليتدبروا آياته .. وأن يقدم للناس جميعا .. آية تؤكد أن القرآن الكريم هو وحيه سبحانه وتعالى لخاتم رسله وأنبيائه ..
فيقول القرآن الكريم في سورة يونس ان الله سبحانه وتعالى قد كتب أن ينجي فرعون ببدنه .. ليكون آية لمن هم بعده .. فهذا رمسيس الثاني .. فرعون مصر .. تعلن مومياته … بعد ثلاثة الاف سنة ــ أن الله قد نجا هذا البدن وحفظه وها هو آية لمن هم بعده اذ تقول الآية الشريفة : ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون ) .
فمن أعلم سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم وهو يتلو هذه الآية أن تحت الارض في بقعة نائية في مصر اجسادا لفراعنة محفوظة .. وأنه بعد ثلاثة عشر قرنا من الزمان من قوله هذا سيكشف العالم عن هذه الأجساد .. ويعثر الانسان علي قبور الفراعنة .. ويخرج بدن رمسيس الثاني سليما ليلف العالم .. ويتحدث عنه العالم .. الا تكون هذه آية تؤكد أن القرآن الكريم هو من عند الله وأن سيدنا محمدا صلى الله علية وسلم هو خاتم رسله وأنبيائه .. وعندما اكتشف الانسان قبر توت عنخ آمون في اوائل القرن الحالي .. فلقد أثارت الدهشة العالم .. لما وجد في المقبرة من كميات تفوق الحصر والتقدير من الذهب الخالص .. وأحمال المجوهرات والحلي .. وأكداس الأموال والسلاح .. ما زالت حتي اليوم موضع العجب والتعجب والغرابة والاستغراب .. وعندما أرسل بعضها للعرض في الخارج لم تنقطع طوابير الراغبين في مجرد رؤيتها ليلاً أو نهارا .. شتاء تحت المطر .. او صيفا تحت الشمس .. لقد وقف العالم مبهورا أمامها .. مشدوها بسرها .. كيف ولماذا .. دفنت هذه الثروات وطمست هذه الأموال .. وأن هذا أيضا يراد به أمر .. والله يربد غيره .. فليس الأمر كما كان يتضح مجرد العرض لما كان .. والإحاطة بماضي الزمان .. ولكنة أمر يؤكد أن القرآن الكريم هو كلام الله الذي لا جدال فيه ولا خلاف عليه .. وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وأن من تلاه على الناس لا شك هو رسوله الأمين المبعوث بالنبوة والرسالة للعالمين .. اذ يسبق القرآن الكريم بما أورده .. كل ما حدث بعد ثلاثة عشر قرنا من الزمان اذ تقول الآيات من سورة يونس : ( وقال موسي ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا أطمس علي أموالهم وأشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم . قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ) .
وهكذا تقول الآيات في قول واضح جلي صريح أن موسي دعا ربه بأن يطمس على أموال فرعون وزينته فلا يستخدمها .. ولا يستعملها .. وقد استجاب الله الدعاء ..
وبعد عشرات المئات من السنين يؤكد الواقع المبين القول الكريم .. فتخرج من تحت الأرض اموال فرعون التي طمست .. وزينته التي دفنت .. ويراها الناس هنا .. ونعرضها ليراها الناس هناك .. وبقى علينا أن نقول للناس هنا .. ونقول للناس هناك .. هذه بينة على آية .. فهل أنتم منتهون”.
……………………………………………….
التعليقات على المقالات الثلاث السابقة تتبع في الجزء القادم إن شاء الله…

يتبع..